اللامركزية الإدارية في لبنان: بين البلدية ومجلس القضاء – ج 2
تُعتبر اللامركزية في وقتنا الحاضر، من الأُسس التي تقوم عليها الدول الديمقراطية الحديثة، ونظاماً إدارياً لتسيير شؤون المواطن بعيداً عن البيروقراطية. ولقد سبق لنا أن نشرنا وعن المجلة الحقوقية الأبرز في لبنان محكمة دراسة عن مفهوم اللامركزية الإدارية وتمايزها عن كلٍّ من التقسيم والفيدرالية، كما واللاحصرية. أما اليوم، فسنتناول في الجزء الثاني الأساس الذي تقوم عليه اللامركزية من وجهتيْ نظر، البلدية ومجلس القضاء، حيث لكل رأي حججه وأسبابه. مع كامل الشكر للصديق Ali Moussawi ومحكمة على التفضُّل بالنشر والتوزيع.
أما تلخيصنا للجزء الثاني من الدراسة أدناه، يتمثّلُ في اعتبار البلدية هي النموذج الاوضح والافضل لتطبيق اللامركزية. فهي القاعدة والمكان الأمثل لممارسة المواطنة، وتُشكّل إطار مشاركة المواطن في تسيير شؤونه، باعتبارها على تماس مباشر مع شؤون المواطنين وانشغالاتهم. في وقتٍ أنّ نظام مجلس القضاء الوارد في مشروع الوزير السّابق زياد بارود غير معتمد من قبل بعض الدول ذات التاريخ العريق في الديمقراطية، كفرنسا مثلاً، حيث يرتكز نظام اللامركزية على البلديات بالتعاون مع التقسيمات الإدارية الأخرى Départements et Régions (lois Defferre). وهذه التجربة أثبتتْ نجاحها ليس فقط في فرنسا بل في كلٍّ من المانيا وإيطاليا وسويسرا وغيرها من الدّول.
وأخيراً، إنّ أشخاص الإدارة البلدية (البلديات) أسبق في نشوئها من الدولة إذ ظهرت القرية بوصفها أقدم شكل من أشكال الحياة البلدية la commune، وتمتّعت منذ نشأتها بقدر كبير من الاستقلال في مواجهة النفوذ الخارجي، وكانت مسؤولة عن كل القضايا التي تهمُّ الانتفاع بالملكيات المشتركة، والدفاع عن مصالح القرية la communauté وقمع المخالفات. وهذا التجذُّر التاريخي للإدارة البلدية، إنما يُعدَّ دليلاً كافياً على أصالة هذا النظام واستقلاله عن النظام الإداري المركزي.
المزيد في المنشور المرفق
مع أطيب التحيات
المحامي سلام عبد الصمد