المحكمة الجنائية الدولية La Cour Pénale Internationale CIP، تُمثّل نظام العدالة الجنائية على مستوى الدول، بحيث تُعتبر أول محكمة جنائية دولية دائمة، أُسِّست عام 1998 بناءً على معاهدة، لمحاسبة مرتكبي أكثر الجرائم خطورةً على المستوى العالمي، مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية. وقد شكّل انضمام فلسطين الى المحكمة الجنائية الدولية في الاول من كانون الثاني عام 2015، حدثاً هامّاً في تاريخ العدالة الجنائية الدولية، وذلك ليس على صعيد العلاقات الشرق الاوسطية فحسب، بل على صعيد المجتمع الدولي ككل.
إذ ألا تستحق المجازر التي تُقترف يومياً في فلسطين المحتلّة تدخُّلاً للقضاء الدّولي؟
أليس من واجب الأمم المتحدة تقديم شكوى أمام المحكمة الجنائية الدّولية بحق العدو الإسرائيلي، طبقاً للمادة 15 من نظامها الاساسي؟
نجيب بالتأكيد طبعاً، فالعالم بأسره اليوم، لاسيّما المنظمات الحقوقية، مدعوُّة لتقديم شكوى عن الجرائم التي ترتكبها “اسرائيل” أمام المحكمة الجنائية الدولية، ووضع الجميع أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية والإجتماعية. إنّ ملاحقة الكيان الإسرائيلي جنائياً، سيُشكّل خطوةً متقدّمةً على طريق تفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب. ويجعلُ، بطبيعة الحال، قادة هذا الكيان محلّ مساءلةٍ دوليةٍ وأخلاقيةٍ عن انتهاكاتهم بحق الدّولة الفلسطينية وشعبها وأراضيها، وتقديمهم للمحاكمة على أساس مجرمي حرب Criminels de guerre، توصُّلاً لمعاقبتهم. وهذا ما سيُساهم بتأمين حماية دولية أفضل للشعب الفلسطيني، كما وكلّ الشّعوب المقهورة عبر العالم. ولكن نعود للسؤال المركزي، والمتمثّل عن سبب تراخي القضاء الدّولي في ملاحقة ومحاكمة الكيان الإسرائيلي وقادته عن جرائمه الخطيرة، والتي ترقى إلى حد الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إرهاب الدّولة. فضلاً عن إنكاره وتجاوزاته للقانون الدولي الإنساني Droit international humanitaire ، اتفاقية جنيف للعام 1949، وصولاً إلى بروتوكولات 1977؟!
هل مردُّ هذا التّراخي الى ضعف العدالة الدّولية؟ أو ازدواجية المعايير والتطبيق double measures double standards ؟
يُمكننا الجزم بأنّ نظام المحكمة الجنائية الدولية قادرٌ نظرياً، وبشكلٍ عام، على فرض سلطة القانون الدّولي بالقوة، وقادرٌ وبشكلٍ خاصٍّ على وضع يد المحكمة على كلِّ ما يجري في غزة وفلسطين عموماً، إنْ لناحية فداحة الجرائم التي يقترفها العدو الإسرائيلي، أو لناحية أفعاله وتجاوزاته المخالفة للأعراف والقوانين الدولية والأخلاقية. ولكن تبقى العبرة – ومع الأسف – بالتطبيق!
المحامي الدكتور سلام عبد الصمد